يتساءل الكثيرون عن علاقة المحامي بمجال الاستثمار، بل ويصل الأمر بالبعض إلى إنكار أي دور للمحامي في هذا المجال، وحجتهم في ذلك أن مجال الاستثمار هو مجال يتعلق بالمال والاقتصاد، بينما عمل المحامي يتعلق بالقانون، وبالتالي فلا يوجد علاقة تربط المحامي بمجال الاستثمار إلا فيما ندر.
إلا أن هذا الرأي برمته يخالف ويناقض الحقيقة تماماً، فالمحامي له دور هام ومؤثر في مجريات عملية الاستثمار، بل ولا نبالغ في قولنا أن المحامي يمثل عاملًا من العوامل المؤثرة في تنمية الاستثمار ودعمه وتعزيزه، ولنا في ذلك العديد من الحجج والدلائل التي لا يمكن أن يضحكها أحد.
فالمحامي يعد المحور الرئيسي في إعداد وإبرام عقود الاستثمار، حيث يمارس دوره في إعداد تلك العقود وصياغتها الصياغة القانونية اللازمة لحفظ حقوق طرفيها، بحيث يتم تجنب أي خلافات مستقبلية حول مضمون العقد ومفهوم الالتزامات والحقوق الواردة به. يساهم المحامي أيضًا في مراجعة العقود التي يقوم عميله المستثمر بإبرامها مع الجهات الحكومية في الدولة المضيفة لاستثماراته.
حيث أنه في الغالبية العظمى تكون تلك الجهات الحكومية هي التي أعدت هذه العقود، فيظهر دور المحامي هنا في وجهين، الوجه الأول في المحامي الذي أعد وقام بصياغة تلك العقود للجهة الحكومية، والمحامي الذي يراجع تلك العقود لصالح موكله المستثمر قبل أن يقوم بتوقيعها. بما يوضح أن المحامي يلعب دورًا رئيسيًا في إبرام عقود الاستثمار.
علاوة على ما سبق فإن المستثمر وخاصة المستثمر الأجنبي يسعى دائماً إلى خلق استثماراته بشكل يتوافق مع قوانين الدولة المضيفة لتلك الاستثمارات، وبالتالي يكون دائماً في حاجة إلى مستشار قانوني ملم بقوانين هذه الدولة وخاصة القوانين ذات العلاقة بالاستثمار، وهو ما يجعل من وجود محامين وطنيين من ذوي الكفاءة يمكن أن يعتمد عليهم المستثمر كمستشارين قانونيين من أحد العوامل التي تبعث في نفسه الاطمئنان من جهة، وتدعم وتعزز من استثماراته في تلك الدولة من جهة أخرى.
ولا يخفى على أحد الدور التوعوي الذي يمارسه المحامي كمستشار قانوني للمستثمر، حيث يبصره بما تتضمنه قوانين الاستثمار في البلد التي يستهدفها باستثماراته، ويوضح له الإجراءات القانونية التي ستمر بها استثماراته منذ البدء في تأسيسها مرورًا بممارستها لنشاطها وصولًا إلى تصفيتها وما يتم في تلك التصفية من إجراءات. وهو أمر لا غنى للمستثمر عن معرفته، بل وقد يكون له تأثير كبير لدى الغالبية العظمى من المستثمرين في تحديد اتجاهاتهم بشأن الاستثمار في تلك الدولة من عدمه، وهو ما يوضح أهمية دور المحامي كعامل هام في جذب الاستثمارات لدولته.
وهناك أيضًا الدور الذي يلعبه المحامي كمفاوض
عند قيام المستثمر بإبرام عقود الاستثمار، سواء كان ذلك التعاقد مع جهة حكومية أو جهة من الجهات التابعة للقطاع الخاص. فحضور المحامي مع عميله المستثمر في تلك الحالة من البديهيات، ليس فقط لصياغة العقود أو مراجعتها ولكن أيضًا لإدارة عملية التفاوض التي تجري عند التعاقد. ذلك لضمان تحقيق أكبر قدر ممكن من المميزات والمنافع لعميله المستثمر، ولضمان تحقيق التوازن بين ما يتحمله المستثمر من التزامات وبين ما يترتب له من حقوق.
ا يقتصر دور المحامي في دعم وتنمية الاستثمار على ما سبق ذكره بهذا المقال فقط، ولكن هناك أوجه أخرى لهذا الدور سنتناولها في الجزء الثاني من هذا المقال.
دور المحامي في دعم وتنمية الاستثمار (الجزء الثاني)